يشهد سوق الأعلام المصرية انتعاشاً غير مسبوق، إذ تكاد لا تخلو واجهة
بناية في القاهرة من علم البلاد بشتى الأحجام، وهو المشهد الذي شهد توسعاً
كبيراً قبل «موقعة الخرطوم» ضد الجزائر وفي أثنائها وبعدها.
لم يحدث أن شهد سوق تجارة الأعلام في مصر رواجاً وانتشاراً كما يحدث
حالياً. فمشاعر الغضب والسخط التي تسيطر على المصريين بسبب ما تعرّضت له
جموع مشجعي الفريق الوطني في الخرطوم تُعبّر عن نفسها في شكل غير مسبوق،
سواء من خلال إظهار المشاعر الوطنية التي ظن بعضهم أنها تمر في «غيبوبة»،
أو من خلال التظاهر أمام مقر السفارة الجزائرية لدى القاهرة، أو حتى من
خلال القنوات التلفزيونية وصفحات الجرائد وفضاءات الشبكة العنكبوتية.
حال الغضب الشعبي غير المسبوق والتي وحّدت شتى صفوف المصريين، على
اختلاف انتماءاتهم السياسية والدينية وطبقاتهم الاقتصادية والاجتماعية،
امتدت إلى شخوص جرت العادة على ألا تُعبّر عن مشاعرها علناً. فقد فوجئ
المصريون بنجل رئيس الجمهورية السيد علاء مبارك - والمعروف عنه ابتعاده عن
دائرة الضوء - يتحدث عبر التلفزيون بلسان جموع المصريين. «ما حدث في
السودان كان مخيفاً ومرعباً ... قيل لنا أن وجودنا (علاء جمال مبارك) في
مقصورة الـ «في آي بي» غير محبذ لأنها تعرضت للرشق بالطوب والزجاجات قبل
دخولنا ... وفوجئنا بحركات أيدي من الجماهير الجزائرية ... مش فاهم هذه
البذاءة». حكى علاء مبارك بالتفاصيل الدقيقة عبر برنامج «البيت بيتك»
اليومي الذي بثه التلفزيون المصري، ليل أول من أمس، ما رآه بنفسه من
«أهوال» في «موقعة الخرطوم»، في سابقة من نوعها.
السابقة حوت الكثير من المفاجآت، لا سيما حين شكك السيد علاء مبارك في
مسألة «القومية العربية» في ضوء ما حدث، واستهجن ما بدر من المشجعين
الجزائريين من تصرفات غير مقبولة تماماً، ومنتقداً السياسة الجزائرية
الرسمية، مستشهداً بحديث أحد الكتّاب عن الطبيعة الجزائرية العنيفة.
كلمات علاء مبارك نتجت منها حال من الشعبية غير المسبوقة والاستحسان
غير المعهود له، حتى أن الكاتب الصحافي إبراهيم عيسى وهو أحد أبرز الكتاب
المنتقدين للنظام كتب أمس مفنّداً أسباب حب المصريين لعلاء مبارك، مشيراً
إلى «بساطته، وتلقائيته، وعدم عمله بالسياسة، ونشاطه الاقتصادي المحدود،
ولا يحب أن ينافقه أحد في ظهوره النادر».
حالتا الحشد الشديدة والاستفزاز العنيف اللتان يموج بهما كل بيت مصري
تقريباً هذه الأيام تنتظر بفارغ الصبر رد فعل رسمياً يُناسب «فداحة» ما
تعرض له المصريون، بحسب ما يعتبرون هم أنفسهم. وواضح أن ما حصل أدى إلى
تصاعد الشكوك الشعبية حول المعنى الحقيقي والقيمة الواقعية لـ «القومية
العربية» التي شعر بعضهم بأنها تحولت إلى عبء على مصر كثيراً ما يقابل
بعدم تقدير من جانب جهات عربية عدة.
سائق الحافلة العامة الذي دفع من راتبه المتدني عشرة جنيهات كاملة يوم
أمس ليشتري علماً يضعه عليها قال بعفوية بالغة: «آن الأوان لنفكر في
أنفسنا ومستقبلنا ومستقبل أولادنا بدلاً من تضييع الوقت والجهد في الحديث
عن أفكار لم تعد موجودة إلا في أفلام الأبيض والأسود».
انتعاش سوق الأعلام لن يستمر طويلاً، وهذه سُنّة الحياة في العصر
الحديث، ولكن إرهاصات «موقعة الخرطوم» يُتوقع لها أن تُلقي بظلالها
الثقيلة لفترة زمنية طويلة، حتى بعد إزاحة الأعلام من على واجهات البنايات.
بناية في القاهرة من علم البلاد بشتى الأحجام، وهو المشهد الذي شهد توسعاً
كبيراً قبل «موقعة الخرطوم» ضد الجزائر وفي أثنائها وبعدها.
لم يحدث أن شهد سوق تجارة الأعلام في مصر رواجاً وانتشاراً كما يحدث
حالياً. فمشاعر الغضب والسخط التي تسيطر على المصريين بسبب ما تعرّضت له
جموع مشجعي الفريق الوطني في الخرطوم تُعبّر عن نفسها في شكل غير مسبوق،
سواء من خلال إظهار المشاعر الوطنية التي ظن بعضهم أنها تمر في «غيبوبة»،
أو من خلال التظاهر أمام مقر السفارة الجزائرية لدى القاهرة، أو حتى من
خلال القنوات التلفزيونية وصفحات الجرائد وفضاءات الشبكة العنكبوتية.
حال الغضب الشعبي غير المسبوق والتي وحّدت شتى صفوف المصريين، على
اختلاف انتماءاتهم السياسية والدينية وطبقاتهم الاقتصادية والاجتماعية،
امتدت إلى شخوص جرت العادة على ألا تُعبّر عن مشاعرها علناً. فقد فوجئ
المصريون بنجل رئيس الجمهورية السيد علاء مبارك - والمعروف عنه ابتعاده عن
دائرة الضوء - يتحدث عبر التلفزيون بلسان جموع المصريين. «ما حدث في
السودان كان مخيفاً ومرعباً ... قيل لنا أن وجودنا (علاء جمال مبارك) في
مقصورة الـ «في آي بي» غير محبذ لأنها تعرضت للرشق بالطوب والزجاجات قبل
دخولنا ... وفوجئنا بحركات أيدي من الجماهير الجزائرية ... مش فاهم هذه
البذاءة». حكى علاء مبارك بالتفاصيل الدقيقة عبر برنامج «البيت بيتك»
اليومي الذي بثه التلفزيون المصري، ليل أول من أمس، ما رآه بنفسه من
«أهوال» في «موقعة الخرطوم»، في سابقة من نوعها.
السابقة حوت الكثير من المفاجآت، لا سيما حين شكك السيد علاء مبارك في
مسألة «القومية العربية» في ضوء ما حدث، واستهجن ما بدر من المشجعين
الجزائريين من تصرفات غير مقبولة تماماً، ومنتقداً السياسة الجزائرية
الرسمية، مستشهداً بحديث أحد الكتّاب عن الطبيعة الجزائرية العنيفة.
كلمات علاء مبارك نتجت منها حال من الشعبية غير المسبوقة والاستحسان
غير المعهود له، حتى أن الكاتب الصحافي إبراهيم عيسى وهو أحد أبرز الكتاب
المنتقدين للنظام كتب أمس مفنّداً أسباب حب المصريين لعلاء مبارك، مشيراً
إلى «بساطته، وتلقائيته، وعدم عمله بالسياسة، ونشاطه الاقتصادي المحدود،
ولا يحب أن ينافقه أحد في ظهوره النادر».
حالتا الحشد الشديدة والاستفزاز العنيف اللتان يموج بهما كل بيت مصري
تقريباً هذه الأيام تنتظر بفارغ الصبر رد فعل رسمياً يُناسب «فداحة» ما
تعرض له المصريون، بحسب ما يعتبرون هم أنفسهم. وواضح أن ما حصل أدى إلى
تصاعد الشكوك الشعبية حول المعنى الحقيقي والقيمة الواقعية لـ «القومية
العربية» التي شعر بعضهم بأنها تحولت إلى عبء على مصر كثيراً ما يقابل
بعدم تقدير من جانب جهات عربية عدة.
سائق الحافلة العامة الذي دفع من راتبه المتدني عشرة جنيهات كاملة يوم
أمس ليشتري علماً يضعه عليها قال بعفوية بالغة: «آن الأوان لنفكر في
أنفسنا ومستقبلنا ومستقبل أولادنا بدلاً من تضييع الوقت والجهد في الحديث
عن أفكار لم تعد موجودة إلا في أفلام الأبيض والأسود».
انتعاش سوق الأعلام لن يستمر طويلاً، وهذه سُنّة الحياة في العصر
الحديث، ولكن إرهاصات «موقعة الخرطوم» يُتوقع لها أن تُلقي بظلالها
الثقيلة لفترة زمنية طويلة، حتى بعد إزاحة الأعلام من على واجهات البنايات.